علي رضا عسكري.. رحلة هروب قائد بالحرس الثوري
الإيراني من طهران إلى "العيش في أميركا"
الفريق المتقاعد والقيادي السابق في الحرس الثوري الإيراني علي رضا عسكري، تولى مناصب مهمة في المنظومة العسكرية الإيرانية قبل أن يختفي في 2006، لتدور حوله روايات متضاربة، نحاول في هذا التقرير تسليط الضوء عليها.
علي رضا عسكري، شغل منصب القائد السابق لفيلق لبنان التابع للحرس الثوري، والقائد العام لعمليات الحرس الثوري، ومساعد قسم الرقابة في وزارة الدفاع الإيرانية في عهد الرئيس الأسبق محمد خاتمي، غاب عن الأنظار فجأة في 9 ديسمبر (كانون الأول) عام 2006، بعد رحلة قام بها إلى تركيا، ومنذ17 عاما نُشرت حول قصته أخبار متضاربة في وسائل الإعلام الإيرانية والدولية.
أفراد من عائلته صرحوا للإعلام بأنه ذهب إلى تركيا وسوريا للتجارة في مجال الزيتون، فيما قال أصدقاء له إنه ذهب إلى هناك في مهمة عمل.
وسائل إعلام دولية صرحت منذ بداية اختفائه، نقلا عن مصادر استخباراتية غربية، أن عسكري كان على تواصل مع جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية، وأنه ذهب إلى الولايات المتحدة الأميركية بملء إرادته، أما المسؤولون في إيران فيدعون أن الموساد أو "سي آي إيه" قد اختطفوا عسكري منذ ذلك الحين.
في هذا التقرير سنسلط الضوء على قضية القيادي العسكري الإيراني، وأن نجيب على الأسئلة التي تثار حول ملفه وحياته وعمله كقيادي عسكري في إيران ولبنان، وموضوع هروبه إلى الغرب، وماهية المعلومات التي قدمها إلى الأجهزة الاستخباراتية الأميركية، ووضعه الحالي في الولايات المتحدة.
وفي سياق تحرياتها حول هذا الملف تواصلت قناة "إيران إنترناشيونال" مع عدد من المصادر، شملت كلا من أقارب زوجة علي رضا عسكري و3 من معارفه وزملائه السابقين، وقائد سابق في الحرس الثوري، ومصدر دبلوماسي أوروبي، و3 مصادر استخباراتية أميركية.
وطلب هؤلاء الأفراد والمصادر عدم الكشف عن أسمائهم، كشرط لتقديم المعلومات وإجراء المقابلات حول قضية عسكري وملفه.
الفريق المتقاعد والقيادي السابق في الحرس الثوري الإيراني علي رضا عسكري، تولى مناصب مهمة في المنظومة العسكرية الإيرانية قبل أن يختفي في 2006، لتدور حوله روايات متضاربة، نحاول في هذا التقرير تسليط الضوء عليها.
علي رضا عسكري، شغل منصب القائد السابق لفيلق لبنان التابع للحرس الثوري، والقائد العام لعمليات الحرس الثوري، ومساعد قسم الرقابة في وزارة الدفاع الإيرانية في عهد الرئيس الأسبق محمد خاتمي، غاب عن الأنظار فجأة في 9 ديسمبر (كانون الأول) عام 2006، بعد رحلة قام بها إلى تركيا، ومنذ17 عاما نُشرت حول قصته أخبار متضاربة في وسائل الإعلام الإيرانية والدولية.
أفراد من عائلته صرحوا للإعلام بأنه ذهب إلى تركيا وسوريا للتجارة في مجال الزيتون، فيما قال أصدقاء له إنه ذهب إلى هناك في مهمة عمل.
وسائل إعلام دولية صرحت منذ بداية اختفائه، نقلا عن مصادر استخباراتية غربية، أن عسكري كان على تواصل مع جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية، وأنه ذهب إلى الولايات المتحدة الأميركية بملء إرادته، أما المسؤولون في إيران فيدعون أن الموساد أو "سي آي إيه" قد اختطفوا عسكري منذ ذلك الحين.
في هذا التقرير سنسلط الضوء على قضية القيادي العسكري الإيراني، وأن نجيب على الأسئلة التي تثار حول ملفه وحياته وعمله كقيادي عسكري في إيران ولبنان، وموضوع هروبه إلى الغرب، وماهية المعلومات التي قدمها إلى الأجهزة الاستخباراتية الأميركية، ووضعه الحالي في الولايات المتحدة.
وفي سياق تحرياتها حول هذا الملف تواصلت قناة "إيران إنترناشيونال" مع عدد من المصادر، شملت كلا من أقارب زوجة علي رضا عسكري و3 من معارفه وزملائه السابقين، وقائد سابق في الحرس الثوري، ومصدر دبلوماسي أوروبي، و3 مصادر استخباراتية أميركية.
وطلب هؤلاء الأفراد والمصادر عدم الكشف عن أسمائهم، كشرط لتقديم المعلومات وإجراء المقابلات حول قضية عسكري وملفه.
بـداية الـقصة
بداية قصته تبدأ عندما توجه في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2006 إلى دمشق، وبعدها بأيام وتحديدا في 7 من ديسمبر (كانون الأول) 2006 وصل إلى إسطنبول، واستقر هناك في فندق "جيران"، ليغلق بعد يومين (9 ديسمبر) جواله المحمول ويختفي رسميا منذ ذلك الحين، وتنقطع أخباره لتبدأ مرحلة الروايات والأخبار المتضاربة.
وكان علي رضا عسكري عند اختفائه زوجا لسيدتين، وله من الأطفال 4 بنات وولد واحد.
معظم المصادر الغربية تذكر زمن اختفاء عسكري خطأً في 7 من فبراير (شباط) عام 2007، وهذا هو تاريخ قريب من الوقت الذي أبلغت فيه إيران السلطات التركية باختفاء عسكري رسميا، يقول مصدر غربي لقناة "إيران إنترناشيونال" في هذا السياق: "أبلغ المسؤولون الإيرانيون في 26 ديسمبر (كانون الأول) عام 2006 شرطة الإنتربول باختفاء هذا المسؤول العسكري، لكن نحن اطلعنا على القضية في 4 من فبراير (شباط) عام 2007".
في الثامن والعشرين من فبراير (شباط) أي بعد 80 يوما من اختفاء عسكري نشرت صحيفة "الوطن" السعودية للمرة الأولى خبر اختفاء هذا المسؤول العسكري الإيراني في تركيا، وبعد 5 أيام من ذلك أيد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية خبر اختفاء علي رضا عسكري في مؤتمر صحافي عقده بالعاصمة الإيرانية طهران.
في 6 مارس (آذار) 2007 قالت صحيفة "الشرق الأوسط" إن عسكري ذهب إلى الولايات المتحدة الأميركية بمحض إرادته، وبعد يومين نقلت "واشنطن بوست" عن مسؤول أميركي رفيع قوله إن عسكري يقوم بالتعاون حاليا مع الأجهزة الاستخباراتية الأميركية بشكل طوعي وبكامل رغبته.
في 11 مارس (آذار) 2007 نشرت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية تقريرا حول عسكري، قالت فيه إن القيادي العسكري الإيراني علي رضا عسكري أصبح جاسوسا لدى الأجهزة الاستخباراتية الأجنبية في عام 2003، وبعد أسبوع من ذلك قالت الصحيفة نفسها نقلا عن مسؤول أميركي إن عسكري تعرض لاستجواب في أوروبا.
في الوقت نفسه، نُشرت أخبار تشير إلى نقل عسكري إلى إحدى ثكنات الناتو في فرانكفورت بألمانيا. وفي 14 مارس (آذار) 2007، قال وزير الدفاع الألماني آنذاك فرانز جوزيف يونج، ردا على سؤال حول تواجد علي رضا عسكري في ألمانيا: "لا أستطيع الإدلاء بتصريحات حول هذا الموضوع".
وفي 25 أبريل (نيسان) من عام 2007 أيّد عدد من أصدقاء علي رضا عسكري ومن المسؤولين السابقين في إيران قضية "لجوء" عسكري، في مقابلات مع صحيفة "فايننشال تايمز".
ورد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية آنذاك شون ماكورماك، على ما إذا كان ينفي وجود علي رضا عسكري في الولايات المتحدة؟ بالقول: "لا أستطيع أن أصرح حول هذا الملف".
في 9 ديسمبر (كانون الأول) 2007، ذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية في تقرير لها أن المعلومات التي تم الحصول عليها من علي رضا عسكري كانت "سرية للغاية"، لدرجة أنه تم إرسالها مباشرة إلى رئيس جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية.
في كتاب "الجاسوس النبيل: حياة روبرت أيمز وموته"، والذي نشر في 2014 يذكر نقلا عن 40 مصدرا أن عسكري حصل على اللجوء في الولايات المتحدة الأميركية مقابل تقديمه معلومات حول برنامج إيران النووي.
ويقول كاي بيرد، مؤلف هذا الكتاب، إن أحد مسؤولي إدارة بوش قال عن قرار الإدارة الأميركية آنذاك في منح اللجوء لعلي رضا عسكري عام 2007: "على مستوى المعلومات غير السرية، لا أستطيع إعطاء المزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع".
الآن وبعد 17 سنة، على حد تعبير صحيفة "واشنطن بوست"، كان انقلابًا كبيرًا لجهاز الاستخبارات الأميركية، وقد أكد مصدر دبلوماسي أوروبي وثلاثة مصادر استخباراتية أميركية في مقابلة مع "إيران إنترناشيونال" أنه "تم نقل علي رضا عسكري، في فترة الاختفاء، من قبل الأميركيين وبإرادته، من تركيا إلى إحدى القواعد الأميركية في ألمانيا، وبعد فترة قصيرة تم نقله إلى الولايات المتحدة وفي إطار برنامج حماية الشهود يعيش في ذلك البلد بهوية جديدة".
وقال مصدر مطلع لـ"إيران إنترناشيونال" إن انتقال عسكري إلى الولايات المتحدة ظل سراً للغاية لسنوات: "على الأقل حتى إصدار تقييم الاستخبارات الوطنية في ديسمبر (كانون الأول) 2007، ولم يكن أحد يعرف عن هذا الإنجاز الاستخباراتي الكبير، باستثناء الشخصيات المحدودة لكبار المسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية والبيت الأبيض والبنتاغون، وعدد قليل من وكالات المخابرات الأميركية المعنية في القضية".
بداية قصته تبدأ عندما توجه في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2006 إلى دمشق، وبعدها بأيام وتحديدا في 7 من ديسمبر (كانون الأول) 2006 وصل إلى إسطنبول، واستقر هناك في فندق "جيران"، ليغلق بعد يومين (9 ديسمبر) جواله المحمول ويختفي رسميا منذ ذلك الحين، وتنقطع أخباره لتبدأ مرحلة الروايات والأخبار المتضاربة.
وكان علي رضا عسكري عند اختفائه زوجا لسيدتين، وله من الأطفال 4 بنات وولد واحد.
معظم المصادر الغربية تذكر زمن اختفاء عسكري خطأً في 7 من فبراير (شباط) عام 2007، وهذا هو تاريخ قريب من الوقت الذي أبلغت فيه إيران السلطات التركية باختفاء عسكري رسميا، يقول مصدر غربي لقناة "إيران إنترناشيونال" في هذا السياق: "أبلغ المسؤولون الإيرانيون في 26 ديسمبر (كانون الأول) عام 2006 شرطة الإنتربول باختفاء هذا المسؤول العسكري، لكن نحن اطلعنا على القضية في 4 من فبراير (شباط) عام 2007".
في الثامن والعشرين من فبراير (شباط) أي بعد 80 يوما من اختفاء عسكري نشرت صحيفة "الوطن" السعودية للمرة الأولى خبر اختفاء هذا المسؤول العسكري الإيراني في تركيا، وبعد 5 أيام من ذلك أيد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية خبر اختفاء علي رضا عسكري في مؤتمر صحافي عقده بالعاصمة الإيرانية طهران.
في 6 مارس (آذار) 2007 قالت صحيفة "الشرق الأوسط" إن عسكري ذهب إلى الولايات المتحدة الأميركية بمحض إرادته، وبعد يومين نقلت "واشنطن بوست" عن مسؤول أميركي رفيع قوله إن عسكري يقوم بالتعاون حاليا مع الأجهزة الاستخباراتية الأميركية بشكل طوعي وبكامل رغبته.
في 11 مارس (آذار) 2007 نشرت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية تقريرا حول عسكري، قالت فيه إن القيادي العسكري الإيراني علي رضا عسكري أصبح جاسوسا لدى الأجهزة الاستخباراتية الأجنبية في عام 2003، وبعد أسبوع من ذلك قالت الصحيفة نفسها نقلا عن مسؤول أميركي إن عسكري تعرض لاستجواب في أوروبا.
في الوقت نفسه، نُشرت أخبار تشير إلى نقل عسكري إلى إحدى ثكنات الناتو في فرانكفورت بألمانيا. وفي 14 مارس (آذار) 2007، قال وزير الدفاع الألماني آنذاك فرانز جوزيف يونج، ردا على سؤال حول تواجد علي رضا عسكري في ألمانيا: "لا أستطيع الإدلاء بتصريحات حول هذا الموضوع".
وفي 25 أبريل (نيسان) من عام 2007 أيّد عدد من أصدقاء علي رضا عسكري ومن المسؤولين السابقين في إيران قضية "لجوء" عسكري، في مقابلات مع صحيفة "فايننشال تايمز".
ورد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية آنذاك شون ماكورماك، على ما إذا كان ينفي وجود علي رضا عسكري في الولايات المتحدة؟ بالقول: "لا أستطيع أن أصرح حول هذا الملف".
في 9 ديسمبر (كانون الأول) 2007، ذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية في تقرير لها أن المعلومات التي تم الحصول عليها من علي رضا عسكري كانت "سرية للغاية"، لدرجة أنه تم إرسالها مباشرة إلى رئيس جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية.
في كتاب "الجاسوس النبيل: حياة روبرت أيمز وموته"، والذي نشر في 2014 يذكر نقلا عن 40 مصدرا أن عسكري حصل على اللجوء في الولايات المتحدة الأميركية مقابل تقديمه معلومات حول برنامج إيران النووي.
ويقول كاي بيرد، مؤلف هذا الكتاب، إن أحد مسؤولي إدارة بوش قال عن قرار الإدارة الأميركية آنذاك في منح اللجوء لعلي رضا عسكري عام 2007: "على مستوى المعلومات غير السرية، لا أستطيع إعطاء المزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع".
الآن وبعد 17 سنة، على حد تعبير صحيفة "واشنطن بوست"، كان انقلابًا كبيرًا لجهاز الاستخبارات الأميركية، وقد أكد مصدر دبلوماسي أوروبي وثلاثة مصادر استخباراتية أميركية في مقابلة مع "إيران إنترناشيونال" أنه "تم نقل علي رضا عسكري، في فترة الاختفاء، من قبل الأميركيين وبإرادته، من تركيا إلى إحدى القواعد الأميركية في ألمانيا، وبعد فترة قصيرة تم نقله إلى الولايات المتحدة وفي إطار برنامج حماية الشهود يعيش في ذلك البلد بهوية جديدة".
وقال مصدر مطلع لـ"إيران إنترناشيونال" إن انتقال عسكري إلى الولايات المتحدة ظل سراً للغاية لسنوات: "على الأقل حتى إصدار تقييم الاستخبارات الوطنية في ديسمبر (كانون الأول) 2007، ولم يكن أحد يعرف عن هذا الإنجاز الاستخباراتي الكبير، باستثناء الشخصيات المحدودة لكبار المسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية والبيت الأبيض والبنتاغون، وعدد قليل من وكالات المخابرات الأميركية المعنية في القضية".
إنه مصدر من ذهب
وكتبت "صنداي تلغراف"، في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2009، أن علي رضا عسكري شجع العلماء والمسؤولين الرئيسيين المشاركين في البرنامج النووي على مغادرة إيران والعيش في الولايات المتحدة، وذلك في إطار برنامج وكالة الاستخبارات المركزية الذي يهدف إلى إضعاف البرنامج النووي الإيراني.
وأكدت مصادر "إيران إنترناشيونال" في الولايات المتحدة أنه في إطار هذا البرنامج، فرّ عدد من العلماء البارزين في البرنامج النووي الإيراني من البلاد، وجاءوا إلى الولايات المتحدة: "يتم تشجيع هؤلاء الأشخاص دائمًا على التعاون الاستخباراتي، لكن الكثير منهم لا يتعاونون. ومع ذلك، فإن مجرد قطع تعاونهم مع إيران يعد انتصارًا لأجهزة الاستخبارات الغربية".
لكن قضية علي رضا عسكري بالنسبة للغرب كانت استثناءً. لم يكن عالمًا ولا شخصية رئيسية في برنامج إيران العسكري أو النووي عندما لجأ إلى الغرب، ولكن كما قال مسؤول عسكري إسرائيلي لصحيفة "التايمز" البريطانية: "إنه مصدر ذهبي للأجهزة الاستخباراتية الغربية".
مصدر ذهبي أدت معلوماته، في أربع حالات على الأقل، إلى إجراءات فورية مع نتائج طويلة الأمد: المفاعل النووي السوري، وعماد مغنية، ومحسن فخري زاده، وبرنامج إيران النووي.
مفاعل سوريا النووي
في منتصف ليل 6 سبتمبر (أيلول) 2007 قام السرب 69 التابع للقوات الجوية الإسرائيلية بقصف وتدمير مجمع عسكري في دير الزور، شرق سوريا. وبعد 7 أشهر، أعلنت الولايات المتحدة أن المجمع الذي تم قصفه كان موقعًا نوويًا ذا أهداف عسكرية. وبعد أربع سنوات، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن ما دمرته إسرائيل في 2007 هو مفاعل نووي.
في 22 مارس (آذار) 2009، أكد رئيس هيئة التخطيط السابق في وزارة الدفاع الألمانية والقائد السابق لمقر حلف شمال الأطلسي في ألمانيا هانز رويل، أن المعلومات التي قدمها علي رضا عسكري حول المشروع النووي السوري في دير الزور أدت إلى الكشف عن هذا الموقع، وتدميره من قبل إسرائيل في سبتمبر (أيلول) 2007.
ووفقاً للتقرير، لم يكن أحد في مجتمع الاستخبارات الأميركي والإسرائيلي قد سمع عن الموقع النووي حتى ذلك الحين: "كانت الحالة الأخيرة أكثر إحراجاً، للحكومة الإسرائيلية لأنها زعمت دائماً أنه لا يوجد شيء في سوريا لا يعرفونه".
عماد مغنية.. استهداف رجل الظل في دمشق
عماد مغنية، المعروف باسم الحاج رضوان، كان القائد العسكري الأعلى رتبة لحزب الله في لبنان، وقد قُتل في 12 فبراير (شباط) 2008 في انفجار سيارة مفخخة في دمشق. وقد اتُهم بالتورط في العديد من التفجيرات والقتل والاختطاف والاستيلاء على الطائرات بين عامي 1983 و1994 وعاش حياة سرية لسنوات عديدة.
في مقابلة عام 2014 مع صحيفة "نيويورك تايمز"، قال كاي بيرد إنه يعتقد أن علي رضا عسكري أعطى الأميركيين معلومات عن المقر السري لعماد مغنية. وفي تقرير لها، أشارت الإذاعة الوطنية الأميركية "NPR"، إلى احتمال تورط عسكري في اغتيال مغنية.
وفي التحقيق الذي أجرته صحيفة "واشنطن بوست" حول هذا الاغتيال، أشارت إلى تعاون وكالة المخابرات المركزية والموساد في قتله، مؤكدة على أن مكان اختبائه في دمشق كان معروفاً لدى وكالة المخابرات المركزية قبل عام من مقتله.
وأكد روبرت باور، أحد الضباط المسؤولين عن وكالة المخابرات المركزية في ذلك الوقت في بيروت، في تقرير، أن عسكري كان جهة الاتصال الإيرانية الرئيسية بعماد مغنية.
ويعتقد أحد مصادر المعلومات الذي تحدث إلى "إيران إنترناشيونال" أن بعض الأدلة تشير إلى أن عسكري تعاون في الكشف عن مكان وجود مغنية: "وفقا لتقرير صحيفة واشنطن بوست، فإن وكالة المخابرات المركزية والموساد قبل عام على الأقل من مقتل مغنية، أي في يناير (كانون الثاني) 2007 تقريبا، وجدوا مخبأه، وهذا هو بالضبط الوقت الذي كان عسكري يتعاون فيه معهم استخباراتياً، بعد فترة وجيزة من لجوئه إلى الولايات المتحدة الأميركية".
وأكد أحد زملاء عسكري السابقين، الذي تحدث إلى "إيران إنترناشيونال"، أن عسكري كان لديه علاقة وثيقة للغاية مع مغنية: "من بين أولئك الذين لديهم سجل في قيادة الحرس الثوري في لبنان، كان لعسكري الصداقة الأقرب والأكثر حميمية مع مغنية بسبب الوقت الطويل الذي أمضياه هناك، والدور الذي لعبه في تنظيم حزب الله وتوطيد مكانة مغنية فيه."
ويرى مصدر معلوماتي آخر تحدث إلى "إيران إنترناشيونال" أنه من حيث المبدأ، لا يتم الكشف عن هوية المصادر في الاجتماعات الاستخباراتية: "تقرير واشنطن بوست يعطي صورة كاملة عن عملية اغتيال مغنية، وبالتالي أعتقد أن تسريب هذه المعلومات كان متعمداً، لكن من الطبيعي أن مصادر ذلك التقرير، لا يعرضون للخطر أمن شخص يعتبره بعض المحللين الأمنيين بأنه أعلى رأس مال استخباراتي في عصره، من خلال الإشارة إليه ."
إيران لا تصنع الأسلحة.. لا تطلقوا النار!
في كل عام، تقوم 16 منظمة استخباراتية أميركية بإعداد تقرير سري حول قضية تتعلق بالأمن القومي، والذي يتم تقديمه إلى رئيس الولايات المتحدة تحت عنوان تقييم الاستخبارات الوطنية (NIE).
ويتمتع الرئيس ومدير المخابرات الوطنية بسلطة رفع السرية عنها كلها أو جزء منها.
وكان تقرير تقييم الاستخبارات الوطنية لعام 2007 يدور حول نوايا إيران وقدراتها النووية. تم الانتهاء من هذا التقييم في نوفمبر (تشرين الثاني) من نفس العام في 147 صفحة، وفي ديسمبر (كانون الأول) تم رفع السرية عن جزء كبير منه، وهو 9 صفحات فقط، ونشره.
وجاء في التقييم أن "وكالات الاستخبارات تحكم بثقة عالية بأن طهران أوقفت برنامجها للأسلحة النووية في خريف عام 2003... وهم يقدرون بثقة متوسطة أن طهران لم تستأنف برنامجها للأسلحة النووية حتى منتصف عام 2007، ولا نعرف ما إذا كانت تخطط حاليًا لصنع أسلحة نووية أم لا".
ويأتي هذا التقييم الحاسم بينما قالت نفس الوكالات في تقييمها لعام 2005: "إننا نقيم بثقة عالية أن إيران عازمة حاليًا على تطوير أسلحة نووية على الرغم من الالتزامات والضغوط الدولية، لكن تقييمنا لا يعني أن "إيران غير قابلة للتغيير".
يمكن أن تكون هذه التقييمات مهمة للغاية، بمعنى أنه لتبرير الهجوم على العراق في عام 2003، استشهد جورج بوش والبيت الأبيض بتقييم الاستخبارات الوطنية ذاته لعام 2002 لبرنامج أسلحة الدمار الشامل العراقي.
وقد جاء في تقييم عام 2007 أن قرار إيران بوقف برنامجها للأسلحة النووية كان ردًا على التدقيق الدولي المتزايد والضغوط الناجمة عن الكشف عن أنشطة إيران النووية غير المعلنة سابقًا.
ويرى محللو الاستخبارات أن النتيجة الأكثر أهمية لهذا التقييم هي أن الأداة الفعالة لتغيير برامج إيران النووية بنجاح هي الضغط السياسي والاقتصادي المستهدف، وليس العمل العسكري، ورفع السرية عن أجزاء منه يظهر أن إدارة بوش تعتزم متابعة البرنامج النووي الإيراني بنفس الوسائل المدنية.
وذهب البعض إلى أبعد من ذلك، وقالوا إن هذا التقييم لمجتمع الاستخبارات كان بمثابة ضربة استباقية ضد إدارة بوش، لثنيه عن خطته لمهاجمة إيران بطريقة متسرعة.
وفي كتاب نشره مركز الدراسات الاستخباراتية التابع لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية حول نتائج وأهمية التقييم الاستخباراتي لعام 2007، يقال إن منتقدي هذا التقييم قالوا إن الحكم المقدم فيه يقوض أي حجة للعمل العسكري ضد إيران.
وأكد أحد مصادر المعلومات التي تحدثنا إليها حول هذا التقييم أنه في عامي 2006 و2007 أخذت الأوساط السياسية في واشنطن فكرة أن الولايات المتحدة لديها خطة لمهاجمة إيران على محمل الجد: "في ذلك الوقت، لم يكن هناك يوم لم أُسأل فيه عن الخطة الأميركية لمهاجمة إيران، اعتقد الجميع أنه تم إعداد خطة، وأن هذا الهجوم كان وشيكا، لكن تقييم عام 2007 الذي صدر في بداية ديسمبر (كانون الأول) كان مثل صب الماء البارد على النار، عمليا تلاشت جميع التصورات حول احتمال وقوع هجوم على إيران، وإذا تم إعداد خطة بالفعل، فقد تم التخلي عنها عمليا".
وكتبت "صنداي تلغراف"، في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2009، أن علي رضا عسكري شجع العلماء والمسؤولين الرئيسيين المشاركين في البرنامج النووي على مغادرة إيران والعيش في الولايات المتحدة، وذلك في إطار برنامج وكالة الاستخبارات المركزية الذي يهدف إلى إضعاف البرنامج النووي الإيراني.
وأكدت مصادر "إيران إنترناشيونال" في الولايات المتحدة أنه في إطار هذا البرنامج، فرّ عدد من العلماء البارزين في البرنامج النووي الإيراني من البلاد، وجاءوا إلى الولايات المتحدة: "يتم تشجيع هؤلاء الأشخاص دائمًا على التعاون الاستخباراتي، لكن الكثير منهم لا يتعاونون. ومع ذلك، فإن مجرد قطع تعاونهم مع إيران يعد انتصارًا لأجهزة الاستخبارات الغربية".
لكن قضية علي رضا عسكري بالنسبة للغرب كانت استثناءً. لم يكن عالمًا ولا شخصية رئيسية في برنامج إيران العسكري أو النووي عندما لجأ إلى الغرب، ولكن كما قال مسؤول عسكري إسرائيلي لصحيفة "التايمز" البريطانية: "إنه مصدر ذهبي للأجهزة الاستخباراتية الغربية".
مصدر ذهبي أدت معلوماته، في أربع حالات على الأقل، إلى إجراءات فورية مع نتائج طويلة الأمد: المفاعل النووي السوري، وعماد مغنية، ومحسن فخري زاده، وبرنامج إيران النووي.
مفاعل سوريا النووي
في منتصف ليل 6 سبتمبر (أيلول) 2007 قام السرب 69 التابع للقوات الجوية الإسرائيلية بقصف وتدمير مجمع عسكري في دير الزور، شرق سوريا. وبعد 7 أشهر، أعلنت الولايات المتحدة أن المجمع الذي تم قصفه كان موقعًا نوويًا ذا أهداف عسكرية. وبعد أربع سنوات، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن ما دمرته إسرائيل في 2007 هو مفاعل نووي.
في 22 مارس (آذار) 2009، أكد رئيس هيئة التخطيط السابق في وزارة الدفاع الألمانية والقائد السابق لمقر حلف شمال الأطلسي في ألمانيا هانز رويل، أن المعلومات التي قدمها علي رضا عسكري حول المشروع النووي السوري في دير الزور أدت إلى الكشف عن هذا الموقع، وتدميره من قبل إسرائيل في سبتمبر (أيلول) 2007.
ووفقاً للتقرير، لم يكن أحد في مجتمع الاستخبارات الأميركي والإسرائيلي قد سمع عن الموقع النووي حتى ذلك الحين: "كانت الحالة الأخيرة أكثر إحراجاً، للحكومة الإسرائيلية لأنها زعمت دائماً أنه لا يوجد شيء في سوريا لا يعرفونه".
عماد مغنية.. استهداف رجل الظل في دمشق
عماد مغنية، المعروف باسم الحاج رضوان، كان القائد العسكري الأعلى رتبة لحزب الله في لبنان، وقد قُتل في 12 فبراير (شباط) 2008 في انفجار سيارة مفخخة في دمشق. وقد اتُهم بالتورط في العديد من التفجيرات والقتل والاختطاف والاستيلاء على الطائرات بين عامي 1983 و1994 وعاش حياة سرية لسنوات عديدة.
في مقابلة عام 2014 مع صحيفة "نيويورك تايمز"، قال كاي بيرد إنه يعتقد أن علي رضا عسكري أعطى الأميركيين معلومات عن المقر السري لعماد مغنية. وفي تقرير لها، أشارت الإذاعة الوطنية الأميركية "NPR"، إلى احتمال تورط عسكري في اغتيال مغنية.
وفي التحقيق الذي أجرته صحيفة "واشنطن بوست" حول هذا الاغتيال، أشارت إلى تعاون وكالة المخابرات المركزية والموساد في قتله، مؤكدة على أن مكان اختبائه في دمشق كان معروفاً لدى وكالة المخابرات المركزية قبل عام من مقتله.
وأكد روبرت باور، أحد الضباط المسؤولين عن وكالة المخابرات المركزية في ذلك الوقت في بيروت، في تقرير، أن عسكري كان جهة الاتصال الإيرانية الرئيسية بعماد مغنية.
ويعتقد أحد مصادر المعلومات الذي تحدث إلى "إيران إنترناشيونال" أن بعض الأدلة تشير إلى أن عسكري تعاون في الكشف عن مكان وجود مغنية: "وفقا لتقرير صحيفة واشنطن بوست، فإن وكالة المخابرات المركزية والموساد قبل عام على الأقل من مقتل مغنية، أي في يناير (كانون الثاني) 2007 تقريبا، وجدوا مخبأه، وهذا هو بالضبط الوقت الذي كان عسكري يتعاون فيه معهم استخباراتياً، بعد فترة وجيزة من لجوئه إلى الولايات المتحدة الأميركية".
وأكد أحد زملاء عسكري السابقين، الذي تحدث إلى "إيران إنترناشيونال"، أن عسكري كان لديه علاقة وثيقة للغاية مع مغنية: "من بين أولئك الذين لديهم سجل في قيادة الحرس الثوري في لبنان، كان لعسكري الصداقة الأقرب والأكثر حميمية مع مغنية بسبب الوقت الطويل الذي أمضياه هناك، والدور الذي لعبه في تنظيم حزب الله وتوطيد مكانة مغنية فيه."
ويرى مصدر معلوماتي آخر تحدث إلى "إيران إنترناشيونال" أنه من حيث المبدأ، لا يتم الكشف عن هوية المصادر في الاجتماعات الاستخباراتية: "تقرير واشنطن بوست يعطي صورة كاملة عن عملية اغتيال مغنية، وبالتالي أعتقد أن تسريب هذه المعلومات كان متعمداً، لكن من الطبيعي أن مصادر ذلك التقرير، لا يعرضون للخطر أمن شخص يعتبره بعض المحللين الأمنيين بأنه أعلى رأس مال استخباراتي في عصره، من خلال الإشارة إليه ."
إيران لا تصنع الأسلحة.. لا تطلقوا النار!
في كل عام، تقوم 16 منظمة استخباراتية أميركية بإعداد تقرير سري حول قضية تتعلق بالأمن القومي، والذي يتم تقديمه إلى رئيس الولايات المتحدة تحت عنوان تقييم الاستخبارات الوطنية (NIE).
ويتمتع الرئيس ومدير المخابرات الوطنية بسلطة رفع السرية عنها كلها أو جزء منها.
وكان تقرير تقييم الاستخبارات الوطنية لعام 2007 يدور حول نوايا إيران وقدراتها النووية. تم الانتهاء من هذا التقييم في نوفمبر (تشرين الثاني) من نفس العام في 147 صفحة، وفي ديسمبر (كانون الأول) تم رفع السرية عن جزء كبير منه، وهو 9 صفحات فقط، ونشره.
وجاء في التقييم أن "وكالات الاستخبارات تحكم بثقة عالية بأن طهران أوقفت برنامجها للأسلحة النووية في خريف عام 2003... وهم يقدرون بثقة متوسطة أن طهران لم تستأنف برنامجها للأسلحة النووية حتى منتصف عام 2007، ولا نعرف ما إذا كانت تخطط حاليًا لصنع أسلحة نووية أم لا".
ويأتي هذا التقييم الحاسم بينما قالت نفس الوكالات في تقييمها لعام 2005: "إننا نقيم بثقة عالية أن إيران عازمة حاليًا على تطوير أسلحة نووية على الرغم من الالتزامات والضغوط الدولية، لكن تقييمنا لا يعني أن "إيران غير قابلة للتغيير".
يمكن أن تكون هذه التقييمات مهمة للغاية، بمعنى أنه لتبرير الهجوم على العراق في عام 2003، استشهد جورج بوش والبيت الأبيض بتقييم الاستخبارات الوطنية ذاته لعام 2002 لبرنامج أسلحة الدمار الشامل العراقي.
وقد جاء في تقييم عام 2007 أن قرار إيران بوقف برنامجها للأسلحة النووية كان ردًا على التدقيق الدولي المتزايد والضغوط الناجمة عن الكشف عن أنشطة إيران النووية غير المعلنة سابقًا.
ويرى محللو الاستخبارات أن النتيجة الأكثر أهمية لهذا التقييم هي أن الأداة الفعالة لتغيير برامج إيران النووية بنجاح هي الضغط السياسي والاقتصادي المستهدف، وليس العمل العسكري، ورفع السرية عن أجزاء منه يظهر أن إدارة بوش تعتزم متابعة البرنامج النووي الإيراني بنفس الوسائل المدنية.
وذهب البعض إلى أبعد من ذلك، وقالوا إن هذا التقييم لمجتمع الاستخبارات كان بمثابة ضربة استباقية ضد إدارة بوش، لثنيه عن خطته لمهاجمة إيران بطريقة متسرعة.
وفي كتاب نشره مركز الدراسات الاستخباراتية التابع لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية حول نتائج وأهمية التقييم الاستخباراتي لعام 2007، يقال إن منتقدي هذا التقييم قالوا إن الحكم المقدم فيه يقوض أي حجة للعمل العسكري ضد إيران.
وأكد أحد مصادر المعلومات التي تحدثنا إليها حول هذا التقييم أنه في عامي 2006 و2007 أخذت الأوساط السياسية في واشنطن فكرة أن الولايات المتحدة لديها خطة لمهاجمة إيران على محمل الجد: "في ذلك الوقت، لم يكن هناك يوم لم أُسأل فيه عن الخطة الأميركية لمهاجمة إيران، اعتقد الجميع أنه تم إعداد خطة، وأن هذا الهجوم كان وشيكا، لكن تقييم عام 2007 الذي صدر في بداية ديسمبر (كانون الأول) كان مثل صب الماء البارد على النار، عمليا تلاشت جميع التصورات حول احتمال وقوع هجوم على إيران، وإذا تم إعداد خطة بالفعل، فقد تم التخلي عنها عمليا".
علي رضا عسكري مصدر المعلومات حول البرنامج النووي الإيراني
كتبت صحيفة "الغارديان"، بعد أيام قليلة من نشر تقييم 2007، أن مصادر دبلوماسية وأمنية في واشنطن قالت إن هذا التقييم الجديد كان نتيجة معلومات، ربما تم الحصول عليها من الهارب الإيراني علي رضا عسكري.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها أن المعلومات الجديدة حول البرنامج النووي جاءت من خلال الاستماع إلى محادثات اثنين من المسؤولين الإيرانيين.
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن أحد هذين المسؤولين هو محسن فخري زاده، الذي تحدث في محادثة أجريت عام 2006 بشكل انتقادي عن خفض البرنامج النووي العسكري منذ عام 2003، وإغلاق مشروع معين.
وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير آخر أن علي رضا عسكري أكد صحة هذه المحادثات في تقاريره المقدمة إلى وكالة المخابرات المركزية. وأكدت مصادر إسرائيلية في حديث مع صحيفة "تايمز" اللندنية أن علي رضا عسكري قدم معلومات حول البرنامج النووي الإيراني لوكالة المخابرات الأميركية.
وفي التقرير التحليلي الذي نشره معهد الحد من الأسلحة عام 2010، يشير إلى أن المعلومات المادية التي قدمها عسكري حول البرنامج النووي كانت تأكيدا لطبيعته المدنية.
وتعتقد المصادر الاستخباراتية التي تحدثت مع "إيران إنترناشيونال" أيضًا أن أهم المعلومات التي قدمها علي رضا عسكري كانت تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، الأمر الذي كان له نتيجة مهمة جدًا: "بعد الهجوم الأميركي على العراق عام 2003 وبينما كان جورج بوش قد اعتبر إيران إحدى دول محور الشر، واتهم النظام الإيراني بمحاولة صنع قنبلة ذرية، ربما كان يمكن لخبر واحد فقط أن يهمش الأفكار حول الهجوم الأميركي على إيران، وهو توقف طهران عن محاولة صنع قنبلة ذرية."
ويقول أحد هذه المصادر الاستخباراتية إن هذا التغير بنسبة 180 درجة في الرأي حول طبيعة البرنامج النووي الإيراني- مع الأخذ في الاعتبار الإشارة إلى الأدلة المادية عليه- ربما كان بسبب الأشرطة والوثائق والمعلومات الحصرية عن البرنامج النووي الإيراني التي قدمها علي رضا عسكري إلى وكالة المخابرات المركزية.. "الصوت المسجل لفخري زاده يعود إلى عام 2006. بعد ظهور اسمه في وثائق الكمبيوتر المحمول، كان فخري زاده تحت الحماية الكاملة، وبالطبع كانت مكالماته واتصالاته تتم بمستوى عالٍ من الأمان، وفي هذا الوضع، أعتقد أن علي رضا عسكري، بسبب صداقته وإمكانية الوصول إليه يستطيع التحدث إلى فخري زاده عبر الهاتف أو شخصيا، وكانت هذه الكلمات يتم تسجيلها".
وقد ظهر اسم محسن فخري زاده لأول مرة في وثائق تعرف باسم وثائق الكمبيوتر المحمول، والتي قيل إنها وصلت إلى أيدي وكالات الاستخبارات الغربية في منتصف عام 2004.
وكانت هناك شكوك جدية حول صحة تلك الوثائق ووصفها بعض الخبراء الإسرائيليين والأميركيين بأنها مزيفة. وفي وقت لاحق، أكد خبراء الوكالة النووية أن بعض صورها مزيفة. وبالنظر إلى هذه الشكوك، فإن هذه الوثائق لم تؤد إلى أي إجراء محدد، على الأقل في حالة فخري زاده.
لكن بعد أقل من 3 سنوات، كما قالت مصادر استخباراتية في "إيران إنترناشيونال"، أكد علي رضا عسكري هوية فخري زاده للأميركيين: "أعطى عسكري اسمه ومعلوماته للأميركيين باعتباره المدير والعقل المدبر للبرنامج النووي الإيراني". وهي قضية كانت نتيجتها المباشرة إدراج اسم فخري في عقوبات الأمم المتحدة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1747 في 24 مارس (آذار) 2007.
إيران تسأل: أين علي رضا عسكري؟
وبغض النظر عن الدعاية الرسمية، فقد أصبحت إيران تعتقد أن علي رضا عسكري أصبح لاجئًا وحاولت العثور عليه. بعد شهر من اختفاء علي رضا عسكري في تركيا، اختفى روبرت ليفينسون، العميل السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي والمتعاقد مع وكالة المخابرات المركزية، في جزيرة كيش. وأثار هذا الفاصل الزمني التكهنات بأن السلطات الإيرانية اعتقلت ليفينسون انتقاما لاختفاء عسكري.
وبحسب "رويترز"، في عام 2015، أثناء المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة لتبادل السجناء، بعد أن طلبت الولايات المتحدة معلومات عن حالة ليفينسون، أخبرهم الفريق الإيراني أنه مستعد لتزويدهم بمعلومات عن ليفينسون إذا أخبروهم، في المقابل، بمكان وجود علي رضا عسكري.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أيضًا أنه خلال مفاوضات عام 2016 مع الولايات المتحدة، قالت إيران مرتين على الأقل إنها مستعدة لتقديم معلومات من ليفينسون إلى الجانب الأميركي إذا أعطوا طهران معلومات حول مكان وجود علي رضا عسكري.
لكن السلطات الأمنية والعسكرية تواصل نفس خط الإنكار للشعب الإيراني.
على سبيل المثال، في تعليقه الأخير حول عسكري، أشار العميد علي فضلي، نائب منسق الحرس الثوري الإيراني في 29 سبتمبر (أيلول) 2023، في خطاب ألقاه بمناسبة ذكرى بدء الحرب العراقية الإيرانية، أشار إلى علي رضا عسكري مرتين، مرة أطلق عليه لقب "المرحوم عسكري"، ومرة أخرى أشار إليه وقال: "الحاج رضا عسكري- إن شاء الله- حي ويرجع إلى حضن الإسلام".
عسكري لا يزال على قيد الحياة.. في هذا المكان
أكدت ثلاثة مصادر استخباراتية في أميركا ومصدر دبلوماسي في أوروبا في حديث مع "إيران إنترناشيونال" أن علي رضا عسكري موجود الآن في أميركا، ويعيش في إحدى ولايات هذا البلد الشاسع بهوية جديدة. وأكدت هذه المصادر أيضًا أنه قام بتغيير الولاية التي يقيم فيها عدة مرات خلال هذه السنوات الـ17.
في السنوات الأخيرة، عانت إيران من العديد من الصدمات الأمنية، وكان الكثير منها بسبب خيانة المقربين منها. لكن إذا استثنينا الضربة الأمنية التي حدثت عام 2018، والتي أدت إلى خروج الوثائق النووية من إيران وانكشاف مهمة أسد الله أسدي الإرهابية في الأراضي الأوروبية، فإن هروب عسكري إلى الولايات المتحدة ولجوئه إليها تسبب في أكبر ضرر أمني للنظام الإيراني في العقود الأخيرة.
لقد أثبت النظام الإيراني أنه لا يتوقف عن الانتقام من هؤلاء الأشخاص. وكان مثاله البارز شهرام أميري، عالم الذرة الذي لجأ إلى الولايات المتحدة، ثم عاد إلى إيران بعد أن هددوا عائلته، وهو الآن يرقد تحت التراب. ولكن يبدو أن عسكري كان ذكيًا بما يكفي لعدم السماح للعواطف الأسرية بأن تصبح كعب أخيل له.
لكن كيف تحول عسكري من عضو بسيط في لجنة الثورة الإسلامية إلى أحد كبار قادة الحرس الثوري حتى تقاعد برتبة لواء وقت التقاعد الإلزامي؟
من مدينة ري إلى قيادة القمع في محافظة كردستان
ولد علي رضا عسكري في 10 يناير (كانون الثاني) عام 1961 في مدينة ري جنوب طهران، ونشأ وترعرع هناك.
وقال أحد ممن عملوا مع عسكري في فيلق كردستان في ثمانينيات القرن الماضي لـ"إيران إنترناشيونال" إن عسكري وبعد لقائه بمحمد فدائي في عام 1977، انضم إلى جماعة "توحيد بدر"، إحدى المجموعات السبع المكونة لمنظمة "مجاهدي خلق" والتي تأسست عام 1974 في مدينة "ري".
ووفقا لهذا المصدر فبعد انتصار الثورة الإيرانية عام 1979 انضم عسكري خلال الأشهر الأولى إلى لجنة الثورة في مدينة "ري"، وبعد تأسيس الحرس الثوري في أبريل (نيسان) 1980 انضم إليه برفقة محمد فدايي الذي كان يعتبر قدوة له.
"غادر عسكري عام 1980 إلى محافظة بلوشستان مع محمد فدائي، ولكن بعد أقل من شهرين، وعندما أصدر الخميني قرارا بالحرب و"الجهاد" في كردستان، ذهب كلاهما إلى محافظة كردستان، وانضما إلى محمد بروجردي في كرمانشاه".
ووفقا لمصدر عمل مع عسكري في كردستان، فقد بقي إلى جانب فدائي حتى شهر فبراير (شباط) من عام 1981، عندما قُتل محمد فدائي في الاشتباكات التي دارت في منطقة كامياران، وبعد ذلك تم وضعه تحت إشراف محمود كاوه وناصر كاظمي، وهما من قادة الحرس الثوري في ذلك الوقت في محافظة كردستان، وظل هناك حتى عام 1982: "كان عسكري يتمتع بجسم كبير ولهذا أطلق عليه زملاؤه مازحين لقب (تشيفتن) (الدبابة البريطانية) وبقي لقب "تشيفتن" ملتصقا باسمه بعد ذلك.
وقال أحد معارف عسكري في الحرس الثوري لـ"إيران إنترناشيونال" إنه عاد إلى طهران في يونيو (حزيران) من عام 1982 أثناء الاضطرابات في طهران للمساعدة في القمع، وبعد أقل من عام عاد إلى كردستان. وأصبح في البداية قائداً للاستخبارات في مقر الحرس الثوري في مهاباد، وبعد ذلك، في خريف عام 1983، عندما غادر إسماعيل أحمدي مقدم سردشت إلى سنندج، عُهد إليه بقيادة فيلق الحرس الثوري مدينة سردشت.
وفي نفس الفترة، التقى عسكري بزيبا أحمدي، التي كانت تتعاون مع الحرس الثوري الإيراني الملقبة بزينب.
وقال أحد معارف عائلة زيبا لـ"إيران إنترناشيونال": "لقد غيرت اسمها، وكان والدها المرحوم الحاج وسو رحيم أقدم، حارس إحدى المدارس في المدينة، عارض زواج ابنته بشدة من عسكري بسبب السمعة السيئة لمن يصبح من معارف قائد الحرس الثوري، لكنه في النهاية وافق على هذا الزواج مضطرا، وتحت ضغوط وتهديدات عسكري وإصرار ابنته".
وبحسب مصادر "إيران إنترناشيونال"، فإن علي رضا عسكري أصبح قائداً لفيلق "مريوان" عام 1985، وبعد ذلك تم تعيينه قائداً لفيلق منطقة كردستان اعتباراً من عام 1986، وبقي في هذا المنصب حتى عام 1987.
لكن إحدى المراحل المهمة في حياة علي رضا عسكري السياسية والعسكرية، والتي لفتت انتباه وكالات الاستخبارات الإسرائيلية والغربية بشكل خاص إليه، كانت إقامته في لبنان.
كتبت صحيفة "الغارديان"، بعد أيام قليلة من نشر تقييم 2007، أن مصادر دبلوماسية وأمنية في واشنطن قالت إن هذا التقييم الجديد كان نتيجة معلومات، ربما تم الحصول عليها من الهارب الإيراني علي رضا عسكري.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها أن المعلومات الجديدة حول البرنامج النووي جاءت من خلال الاستماع إلى محادثات اثنين من المسؤولين الإيرانيين.
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن أحد هذين المسؤولين هو محسن فخري زاده، الذي تحدث في محادثة أجريت عام 2006 بشكل انتقادي عن خفض البرنامج النووي العسكري منذ عام 2003، وإغلاق مشروع معين.
وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير آخر أن علي رضا عسكري أكد صحة هذه المحادثات في تقاريره المقدمة إلى وكالة المخابرات المركزية. وأكدت مصادر إسرائيلية في حديث مع صحيفة "تايمز" اللندنية أن علي رضا عسكري قدم معلومات حول البرنامج النووي الإيراني لوكالة المخابرات الأميركية.
وفي التقرير التحليلي الذي نشره معهد الحد من الأسلحة عام 2010، يشير إلى أن المعلومات المادية التي قدمها عسكري حول البرنامج النووي كانت تأكيدا لطبيعته المدنية.
وتعتقد المصادر الاستخباراتية التي تحدثت مع "إيران إنترناشيونال" أيضًا أن أهم المعلومات التي قدمها علي رضا عسكري كانت تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، الأمر الذي كان له نتيجة مهمة جدًا: "بعد الهجوم الأميركي على العراق عام 2003 وبينما كان جورج بوش قد اعتبر إيران إحدى دول محور الشر، واتهم النظام الإيراني بمحاولة صنع قنبلة ذرية، ربما كان يمكن لخبر واحد فقط أن يهمش الأفكار حول الهجوم الأميركي على إيران، وهو توقف طهران عن محاولة صنع قنبلة ذرية."
ويقول أحد هذه المصادر الاستخباراتية إن هذا التغير بنسبة 180 درجة في الرأي حول طبيعة البرنامج النووي الإيراني- مع الأخذ في الاعتبار الإشارة إلى الأدلة المادية عليه- ربما كان بسبب الأشرطة والوثائق والمعلومات الحصرية عن البرنامج النووي الإيراني التي قدمها علي رضا عسكري إلى وكالة المخابرات المركزية.. "الصوت المسجل لفخري زاده يعود إلى عام 2006. بعد ظهور اسمه في وثائق الكمبيوتر المحمول، كان فخري زاده تحت الحماية الكاملة، وبالطبع كانت مكالماته واتصالاته تتم بمستوى عالٍ من الأمان، وفي هذا الوضع، أعتقد أن علي رضا عسكري، بسبب صداقته وإمكانية الوصول إليه يستطيع التحدث إلى فخري زاده عبر الهاتف أو شخصيا، وكانت هذه الكلمات يتم تسجيلها".
وقد ظهر اسم محسن فخري زاده لأول مرة في وثائق تعرف باسم وثائق الكمبيوتر المحمول، والتي قيل إنها وصلت إلى أيدي وكالات الاستخبارات الغربية في منتصف عام 2004.
وكانت هناك شكوك جدية حول صحة تلك الوثائق ووصفها بعض الخبراء الإسرائيليين والأميركيين بأنها مزيفة. وفي وقت لاحق، أكد خبراء الوكالة النووية أن بعض صورها مزيفة. وبالنظر إلى هذه الشكوك، فإن هذه الوثائق لم تؤد إلى أي إجراء محدد، على الأقل في حالة فخري زاده.
لكن بعد أقل من 3 سنوات، كما قالت مصادر استخباراتية في "إيران إنترناشيونال"، أكد علي رضا عسكري هوية فخري زاده للأميركيين: "أعطى عسكري اسمه ومعلوماته للأميركيين باعتباره المدير والعقل المدبر للبرنامج النووي الإيراني". وهي قضية كانت نتيجتها المباشرة إدراج اسم فخري في عقوبات الأمم المتحدة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1747 في 24 مارس (آذار) 2007.
إيران تسأل: أين علي رضا عسكري؟
وبغض النظر عن الدعاية الرسمية، فقد أصبحت إيران تعتقد أن علي رضا عسكري أصبح لاجئًا وحاولت العثور عليه. بعد شهر من اختفاء علي رضا عسكري في تركيا، اختفى روبرت ليفينسون، العميل السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي والمتعاقد مع وكالة المخابرات المركزية، في جزيرة كيش. وأثار هذا الفاصل الزمني التكهنات بأن السلطات الإيرانية اعتقلت ليفينسون انتقاما لاختفاء عسكري.
وبحسب "رويترز"، في عام 2015، أثناء المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة لتبادل السجناء، بعد أن طلبت الولايات المتحدة معلومات عن حالة ليفينسون، أخبرهم الفريق الإيراني أنه مستعد لتزويدهم بمعلومات عن ليفينسون إذا أخبروهم، في المقابل، بمكان وجود علي رضا عسكري.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أيضًا أنه خلال مفاوضات عام 2016 مع الولايات المتحدة، قالت إيران مرتين على الأقل إنها مستعدة لتقديم معلومات من ليفينسون إلى الجانب الأميركي إذا أعطوا طهران معلومات حول مكان وجود علي رضا عسكري.
لكن السلطات الأمنية والعسكرية تواصل نفس خط الإنكار للشعب الإيراني.
على سبيل المثال، في تعليقه الأخير حول عسكري، أشار العميد علي فضلي، نائب منسق الحرس الثوري الإيراني في 29 سبتمبر (أيلول) 2023، في خطاب ألقاه بمناسبة ذكرى بدء الحرب العراقية الإيرانية، أشار إلى علي رضا عسكري مرتين، مرة أطلق عليه لقب "المرحوم عسكري"، ومرة أخرى أشار إليه وقال: "الحاج رضا عسكري- إن شاء الله- حي ويرجع إلى حضن الإسلام".
عسكري لا يزال على قيد الحياة.. في هذا المكان
أكدت ثلاثة مصادر استخباراتية في أميركا ومصدر دبلوماسي في أوروبا في حديث مع "إيران إنترناشيونال" أن علي رضا عسكري موجود الآن في أميركا، ويعيش في إحدى ولايات هذا البلد الشاسع بهوية جديدة. وأكدت هذه المصادر أيضًا أنه قام بتغيير الولاية التي يقيم فيها عدة مرات خلال هذه السنوات الـ17.
في السنوات الأخيرة، عانت إيران من العديد من الصدمات الأمنية، وكان الكثير منها بسبب خيانة المقربين منها. لكن إذا استثنينا الضربة الأمنية التي حدثت عام 2018، والتي أدت إلى خروج الوثائق النووية من إيران وانكشاف مهمة أسد الله أسدي الإرهابية في الأراضي الأوروبية، فإن هروب عسكري إلى الولايات المتحدة ولجوئه إليها تسبب في أكبر ضرر أمني للنظام الإيراني في العقود الأخيرة.
لقد أثبت النظام الإيراني أنه لا يتوقف عن الانتقام من هؤلاء الأشخاص. وكان مثاله البارز شهرام أميري، عالم الذرة الذي لجأ إلى الولايات المتحدة، ثم عاد إلى إيران بعد أن هددوا عائلته، وهو الآن يرقد تحت التراب. ولكن يبدو أن عسكري كان ذكيًا بما يكفي لعدم السماح للعواطف الأسرية بأن تصبح كعب أخيل له.
لكن كيف تحول عسكري من عضو بسيط في لجنة الثورة الإسلامية إلى أحد كبار قادة الحرس الثوري حتى تقاعد برتبة لواء وقت التقاعد الإلزامي؟
من مدينة ري إلى قيادة القمع في محافظة كردستان
ولد علي رضا عسكري في 10 يناير (كانون الثاني) عام 1961 في مدينة ري جنوب طهران، ونشأ وترعرع هناك.
وقال أحد ممن عملوا مع عسكري في فيلق كردستان في ثمانينيات القرن الماضي لـ"إيران إنترناشيونال" إن عسكري وبعد لقائه بمحمد فدائي في عام 1977، انضم إلى جماعة "توحيد بدر"، إحدى المجموعات السبع المكونة لمنظمة "مجاهدي خلق" والتي تأسست عام 1974 في مدينة "ري".
ووفقا لهذا المصدر فبعد انتصار الثورة الإيرانية عام 1979 انضم عسكري خلال الأشهر الأولى إلى لجنة الثورة في مدينة "ري"، وبعد تأسيس الحرس الثوري في أبريل (نيسان) 1980 انضم إليه برفقة محمد فدايي الذي كان يعتبر قدوة له.
"غادر عسكري عام 1980 إلى محافظة بلوشستان مع محمد فدائي، ولكن بعد أقل من شهرين، وعندما أصدر الخميني قرارا بالحرب و"الجهاد" في كردستان، ذهب كلاهما إلى محافظة كردستان، وانضما إلى محمد بروجردي في كرمانشاه".
ووفقا لمصدر عمل مع عسكري في كردستان، فقد بقي إلى جانب فدائي حتى شهر فبراير (شباط) من عام 1981، عندما قُتل محمد فدائي في الاشتباكات التي دارت في منطقة كامياران، وبعد ذلك تم وضعه تحت إشراف محمود كاوه وناصر كاظمي، وهما من قادة الحرس الثوري في ذلك الوقت في محافظة كردستان، وظل هناك حتى عام 1982: "كان عسكري يتمتع بجسم كبير ولهذا أطلق عليه زملاؤه مازحين لقب (تشيفتن) (الدبابة البريطانية) وبقي لقب "تشيفتن" ملتصقا باسمه بعد ذلك.
وقال أحد معارف عسكري في الحرس الثوري لـ"إيران إنترناشيونال" إنه عاد إلى طهران في يونيو (حزيران) من عام 1982 أثناء الاضطرابات في طهران للمساعدة في القمع، وبعد أقل من عام عاد إلى كردستان. وأصبح في البداية قائداً للاستخبارات في مقر الحرس الثوري في مهاباد، وبعد ذلك، في خريف عام 1983، عندما غادر إسماعيل أحمدي مقدم سردشت إلى سنندج، عُهد إليه بقيادة فيلق الحرس الثوري مدينة سردشت.
وفي نفس الفترة، التقى عسكري بزيبا أحمدي، التي كانت تتعاون مع الحرس الثوري الإيراني الملقبة بزينب.
وقال أحد معارف عائلة زيبا لـ"إيران إنترناشيونال": "لقد غيرت اسمها، وكان والدها المرحوم الحاج وسو رحيم أقدم، حارس إحدى المدارس في المدينة، عارض زواج ابنته بشدة من عسكري بسبب السمعة السيئة لمن يصبح من معارف قائد الحرس الثوري، لكنه في النهاية وافق على هذا الزواج مضطرا، وتحت ضغوط وتهديدات عسكري وإصرار ابنته".
وبحسب مصادر "إيران إنترناشيونال"، فإن علي رضا عسكري أصبح قائداً لفيلق "مريوان" عام 1985، وبعد ذلك تم تعيينه قائداً لفيلق منطقة كردستان اعتباراً من عام 1986، وبقي في هذا المنصب حتى عام 1987.
لكن إحدى المراحل المهمة في حياة علي رضا عسكري السياسية والعسكرية، والتي لفتت انتباه وكالات الاستخبارات الإسرائيلية والغربية بشكل خاص إليه، كانت إقامته في لبنان.
التوجه إلى لبنان.. التنظيم والإشراف على حزب الله
وفقا لما ذكره معارف عائلة زوجة علي رضا عسكري، فإنه كان يتمتع بموهبة كبيرة في تعلم اللغات. هذه الموهبة وخبرته الطويلة في الحرب غير التقليدية في كردستان جعلت المسؤولين الإيرانيين يفكرون في إرساله إلى لبنان كقائد للحرس الثوري هناك.
أصبح علي رضا عسكري أول قائد للحرس الثوري الإيراني في لبنان، وبقي هناك لمدة 5 سنوات كاملة حتى خريف عام 1993، عندما تولى إسماعيل أحمدي مقدم مكانه في لبنان لمدة 5 سنوات أخرى.
ذهب علي رضا عسكري إلى لبنان خلال فترة حرجة. كانت الصراعات بين حركة أمل وحزب الله قد بدأت للتو، وبسبب دعم سوريا لحركة أمل، كانت إيران تشعر بالقلق من أن وجود حزب الله سيتعرض للخطر بسبب الموقف السوري من الحزب.
ولعب عسكري دورا فعالا في إنهاء هذه الصراعات، والأهم من ذلك، بحسب أحمدي مقدم، أن عسكري هو من أعاد تنظيم حزب الله اللبناني إلى "حزب مكتمل الأركان من الناحية العسكرية والاستخباراتية والثقافية والسياسية".
أثناء القيادة العسكرية لعسكري في لبنان، حدثت هناك 4 حالات احتجاز رهائن على الأقل. ثلاثة جنود أيرلنديين في خريف عام 1988، ومواطن بريطاني في يونيو (حزيران) 1989، ومواطنين سويسريين في نوفمبر (نشرين الثاني) 1989، ومواطن فرنسي في سبتمبر (أيلول) 1991.
ولكن كما قال أحد القادة السابقين في الحرس الثوري الإيراني لـ"إيران إنترناشيونال"، فإن إحدى نتائج أو ضرورات التغيير في هيكل حزب الله بقيادة عسكري كانت محاولة إشراك هذا الحزب في العملية السياسية في لبنان، ولن يكون ذلك ممكنا إلا من خلال وقف سياسة الرهائن التي ينتهجها حزب الله بشكل كامل. ولتحقيق هذه الغاية، خلال فترة قيادة عسكري العسكرية، تم إطلاق سراح جميع الرهائن الذين كانوا على قيد الحياة لدى حزب الله تدريجياً، ومع إطلاق سراح آخر رهينة أوروبية في يونيو (حزيران) 1992، انتهت أزمة الرهائن في لبنان.
وقال هذا القائد السابق في الحرس الثوري نفسه لـ"إيران إنترناشيونال" إن عسكري هو من "أقنع السلطات العليا في طهران بحل حركة "الجهاد الإسلامي" في لبنان عام 1992، بسبب سوء السمعة الشديدة للحركة في لبنان وفقدان الضرورة لبقائها، وبعد ذلك أدمج عسكري بقايا حركة الجهاد الإسلامي في كيان حزب الله وجعل مغنية تابعا للحزب وقيادته".
وأكد روبرت باور، أحد الضباط المسؤولين عن وكالة المخابرات المركزية آنذاك في بيروت، في مذكراته أن عسكري كان مسؤولاً عن اختطاف الغربيين خلال فترة وجوده كقائد للحرس الثوري الإسلامي في لبنان، وكان بمثابة المسؤول الرئيسي عن ذلك، كما أنه يعتبر حلقة الوصل الرئيسية بين عماد مغنية وحسن نصرالله.
كما كتب رضا كلبور، أحد أصدقاء علي رضا، أن علاقته الوثيقة جدًا بحسن نصر الله وعماد مغنية استمرت لسنوات.
عدد من وسائل الإعلام الغربية، بما في ذلك "واشنطن بوست"، و"التايمز" البريطانية، و"نيويورك تايمز"، وحتى الكاتب كاي بيرد في كتابه "الجاسوس النبيل"، أخطأوا في تحديد صفة علي رضا عسكري كقائد للحرس الثوري الإيراني في لبنان خلال التفجيرات التي استهدفت السفارة الأميركية ومقر مشاة البحرية الأميركية عام 1983.
عسكري غير مسؤول عن الانفجارات في بيروت
تظهر تحريات "إيران إنترناشيونال" أن ادعاءات تورط عسكري في الهجمات التي شهدتها بيروت في تلك المرحلة غير صحيحة، وأنه لا دور له فيها، هذا الادعاء غير صحيح، وفي النصف الأول من الثمانينات، كان هناك ما لا يقل عن 6 أشخاص آخرين مسؤولين عن الحرس الثوري في لبنان قبل تولي عسكري هذا المنصب.
وكان القائد الأول للحرس الثوري الإيراني في لبنان وسوريا هو أحمد متوسليان، الذي أُرسل في مهمة في 5 يونيو (حزيران) من عام 1982، لكنه اختطف بعد أسابيع قليلة فقط من وصوله إلى لبنان في 5 يوليو (تموز) 1982، وهو مفقود منذ ذلك الحين.
وبعد اختطاف متوسليان، أصبح منصور كوجك محسني مسؤولا عن الحرس الثوري في لبنان لبضعة أشهر. كما كان أحمد كنعاني مقدم القائد التالي للحرس الثوري هناك، وبقي في لبنان حتى صيف عام 1983.
وخلال فترة ولايته، في نيسان (أبريل) 1983، وقع هجوم انتحاري على السفارة الأميركية في بيروت، وقُتل 63 شخصاً، بينهم 17 أميركياً.
ومنذ صيف عام 1983 إلى بداية خريف عام 1984، أوكلت مسؤولية الحرس الثوري في لبنان إلى حسين دهقان. وفي الفترة نفسها، في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1982، قُتل 299 جنديا في هجومين متتاليين على مقري الرماة الأميركيين والفرنسيين في بيروت.
عودة عسكري من لبنان إلى إيران.. من وزارة الدفاع إلى السجن بتهم فساد أخلاقي ومالي
ما السر في اعتقال عسكري على الرغم من خدماته الجليلة التي قدمها لنظام الجمهورية الإسلامية؟
قال أحد زملاء علي رضا عسكري السابقين لـ"إيران إنترناشيونال" إنه بعد عودته من لبنان، خدم أولاً في منصب القائد العام لعمليات الحرس الثوري الإيراني لمدة 3 سنوات تقريباً، ثم تم تعيينه قائدا للحرس الثوري في طهران لمدة عام تقريبا.
وفي عام 1997، أصبح عسكري نائب مفتش وزارة الدفاع في حكومة محمد خاتمي، وبقي في هذا المنصب حتى تم اعتقاله أواخر عام 2002 من قبل جهاز الاستخبارات، وظل معتقلا 18 شهرا.
وقال محلل الشؤون الإيرانية في معهد كارنيغي، كريم سجاد بور، في مقابلة مع NPR"الإذاعة الوطنية الأميركية"، إن عسكري اعتقل بتهم أخلاقية ومالية: "وقد تعرض لتعذيب وحشي عندما كان في السجن".
وأكد العديد من أصدقاء علي رضا عسكري ومسؤولين سابقين في إيران في مقابلات مع صحيفة "فايننشال تايمز" أن عسكري كان محبطا وغاضبا بعد 18 شهرا في السجن، وكان مضطربا عقليا.
وقال أحد معارف علي رضا عسكري لـ"إيران إنترناشيونال" إنه في نفس وقت اعتقاله، "كان هناك نقاش في الأوساط السياسية في طهران حول أن هذا القائد في الحرس الثوري اعتقل بتهمة الفساد المالي والأخلاقي، وزوجته الأولى زيبا أحمدي كانت أحد المدعين عليه بسبب امتلاكه علاقات جنسية خارج إطار الزواج".
وفي مقابلة مع "إيران إنترناشيونال"، أكد أحد قادة الحرس الثوري الإيراني السابقين عنف المحققين في التعامل مع عسكري: "خلال إحدى جلسات الاستجواب الأولية، صفع عسكري القاضي الذي كان يستجوبه، مما جعل حالته أكثر خطورة وتعقيدا"، كما أكد المصدر نفسه أنه خلال فترة الاعتقال التي استمرت 18 شهرا، "قام محققو الاستخبارات بمضايقة عسكري وتعذيبه كثيرا".
وفي النهاية، تم إطلاق سراح عسكري من السجن بوساطة أصدقائه ذوي النفوذ، ومن بينهم إسماعيل أحمدي مقدم، قائد الشرطة آنذاك، والذي عمل معه أثناء وجوده في كردستان، وتدخل المتحدث باسم مكتب خامنئي.
كما قالت زيبا أحمدي، الزوجة الأولى لعلي رضا عسكري، إنه في عام 2004، بعد خروجه من السجن، تقاعد قبل الأوان برتبة لواء، وبعد التقاعد دخل في تجارة الزيتون.
الرحلات الخارجية من تايلاند إلى سوريا وتركيا.. تجنيد جاسوس
بحسب رواية رضا كلبور، فإنه في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 2006، أي قبل أقل من عام على اختفاء علي رضا عسكري، قال إنه لديه خطة للسفر ولا يمكنه لقاء رئيس السلطة القضائية في ذلك الوقت، الذي كان من المفترض أن يقابله بأمر من خامنئي.
وردًا على مخاوف كلبور بشأن السفر ووجود قضية مفتوحة، قال عسكري إن هذه ليست رحلته الخارجية الأولى بعد إطلاق سراحه. وقالت زيبا أحمدي أيضًا إن زوجها قام برحلات أخرى إلى تايلاند ولبنان وسوريا، قبل سفره الأخير إلى سوريا وتركيا.
وقال أحد مصادر المخابرات الأميركية لـ "إيران إنترناشيونال" إن علي رضا عسكري ربما التقى بعملاء وكالة المخابرات المركزية خلال سفره إلى تايلاند: "كانت تايلاند إحدى الدول المفضلة لأجهزة المخابرات الغربية لجذب جواسيس من إيران ودول الشرق الأوسط الأخرى لسنوات عديدة. لقد قيل إن وكالة المخابرات المركزية ربما قامت بتجنيد عسكري خلال سفرة أثناء فترة عمله كمساعد في وزارة الدفاع، ولكن في رأيي، بالنظر إلى أنه أدار ظهره للنظام الإيراني بعد استجوابه بوحشية أثناء اعتقاله، قد يكون عسكري اتصل بوكالة المخابرات المركزية في نفس الرحلة إلى تايلاند".
وبحسب قول زيبا أحمدي، ذهب زوجها إلى سوريا وتركيا في رحلته الأخيرة لتجارة الزيتون. لكن رضا كلبور يدعي أن قائد الحرس الثوري الإيراني أخبره أنه بالإضافة إلى تجارة الزيتون، "سوف يسافر إلى سوريا وتركيا لشراء أشياء لوزارة الدفاع". كما قال قاسم سلطان أبادي، أحد أصدقاء عسكري، إنه سافر إلى سوريا وتركيا بمهمة.
وقال إسماعيل أحمدي مقدم، خلال الذكرى السادسة لاختفاء عسكري، 15 ديسمبر (كانون الأول) 2012، إن هذا القائد في الحرس جاء إلى مكتبه قبل يوم واحد من سفره إلى سوريا، وبعد ذلك اختفى: "قال إننا قد لا نرى بعضنا البعض مرة أخرى. لقد جئت إلى هنا لأخبرك بشيء يمكنك متابعته لاحقًا".
كان علي رضا عسكري يعرف أنه لن يرى صديقه القديم مرة أخرى، ويبدو أنه بعد 17 عامًا، أدرك إسماعيل أحمدي مقدم أيضًا أن عسكري ذهب إليه ليودعه الوداع الأخير.
وفقا لما ذكره معارف عائلة زوجة علي رضا عسكري، فإنه كان يتمتع بموهبة كبيرة في تعلم اللغات. هذه الموهبة وخبرته الطويلة في الحرب غير التقليدية في كردستان جعلت المسؤولين الإيرانيين يفكرون في إرساله إلى لبنان كقائد للحرس الثوري هناك.
أصبح علي رضا عسكري أول قائد للحرس الثوري الإيراني في لبنان، وبقي هناك لمدة 5 سنوات كاملة حتى خريف عام 1993، عندما تولى إسماعيل أحمدي مقدم مكانه في لبنان لمدة 5 سنوات أخرى.
ذهب علي رضا عسكري إلى لبنان خلال فترة حرجة. كانت الصراعات بين حركة أمل وحزب الله قد بدأت للتو، وبسبب دعم سوريا لحركة أمل، كانت إيران تشعر بالقلق من أن وجود حزب الله سيتعرض للخطر بسبب الموقف السوري من الحزب.
ولعب عسكري دورا فعالا في إنهاء هذه الصراعات، والأهم من ذلك، بحسب أحمدي مقدم، أن عسكري هو من أعاد تنظيم حزب الله اللبناني إلى "حزب مكتمل الأركان من الناحية العسكرية والاستخباراتية والثقافية والسياسية".
أثناء القيادة العسكرية لعسكري في لبنان، حدثت هناك 4 حالات احتجاز رهائن على الأقل. ثلاثة جنود أيرلنديين في خريف عام 1988، ومواطن بريطاني في يونيو (حزيران) 1989، ومواطنين سويسريين في نوفمبر (نشرين الثاني) 1989، ومواطن فرنسي في سبتمبر (أيلول) 1991.
ولكن كما قال أحد القادة السابقين في الحرس الثوري الإيراني لـ"إيران إنترناشيونال"، فإن إحدى نتائج أو ضرورات التغيير في هيكل حزب الله بقيادة عسكري كانت محاولة إشراك هذا الحزب في العملية السياسية في لبنان، ولن يكون ذلك ممكنا إلا من خلال وقف سياسة الرهائن التي ينتهجها حزب الله بشكل كامل. ولتحقيق هذه الغاية، خلال فترة قيادة عسكري العسكرية، تم إطلاق سراح جميع الرهائن الذين كانوا على قيد الحياة لدى حزب الله تدريجياً، ومع إطلاق سراح آخر رهينة أوروبية في يونيو (حزيران) 1992، انتهت أزمة الرهائن في لبنان.
وقال هذا القائد السابق في الحرس الثوري نفسه لـ"إيران إنترناشيونال" إن عسكري هو من "أقنع السلطات العليا في طهران بحل حركة "الجهاد الإسلامي" في لبنان عام 1992، بسبب سوء السمعة الشديدة للحركة في لبنان وفقدان الضرورة لبقائها، وبعد ذلك أدمج عسكري بقايا حركة الجهاد الإسلامي في كيان حزب الله وجعل مغنية تابعا للحزب وقيادته".
وأكد روبرت باور، أحد الضباط المسؤولين عن وكالة المخابرات المركزية آنذاك في بيروت، في مذكراته أن عسكري كان مسؤولاً عن اختطاف الغربيين خلال فترة وجوده كقائد للحرس الثوري الإسلامي في لبنان، وكان بمثابة المسؤول الرئيسي عن ذلك، كما أنه يعتبر حلقة الوصل الرئيسية بين عماد مغنية وحسن نصرالله.
كما كتب رضا كلبور، أحد أصدقاء علي رضا، أن علاقته الوثيقة جدًا بحسن نصر الله وعماد مغنية استمرت لسنوات.
عدد من وسائل الإعلام الغربية، بما في ذلك "واشنطن بوست"، و"التايمز" البريطانية، و"نيويورك تايمز"، وحتى الكاتب كاي بيرد في كتابه "الجاسوس النبيل"، أخطأوا في تحديد صفة علي رضا عسكري كقائد للحرس الثوري الإيراني في لبنان خلال التفجيرات التي استهدفت السفارة الأميركية ومقر مشاة البحرية الأميركية عام 1983.
عسكري غير مسؤول عن الانفجارات في بيروت
تظهر تحريات "إيران إنترناشيونال" أن ادعاءات تورط عسكري في الهجمات التي شهدتها بيروت في تلك المرحلة غير صحيحة، وأنه لا دور له فيها، هذا الادعاء غير صحيح، وفي النصف الأول من الثمانينات، كان هناك ما لا يقل عن 6 أشخاص آخرين مسؤولين عن الحرس الثوري في لبنان قبل تولي عسكري هذا المنصب.
وكان القائد الأول للحرس الثوري الإيراني في لبنان وسوريا هو أحمد متوسليان، الذي أُرسل في مهمة في 5 يونيو (حزيران) من عام 1982، لكنه اختطف بعد أسابيع قليلة فقط من وصوله إلى لبنان في 5 يوليو (تموز) 1982، وهو مفقود منذ ذلك الحين.
وبعد اختطاف متوسليان، أصبح منصور كوجك محسني مسؤولا عن الحرس الثوري في لبنان لبضعة أشهر. كما كان أحمد كنعاني مقدم القائد التالي للحرس الثوري هناك، وبقي في لبنان حتى صيف عام 1983.
وخلال فترة ولايته، في نيسان (أبريل) 1983، وقع هجوم انتحاري على السفارة الأميركية في بيروت، وقُتل 63 شخصاً، بينهم 17 أميركياً.
ومنذ صيف عام 1983 إلى بداية خريف عام 1984، أوكلت مسؤولية الحرس الثوري في لبنان إلى حسين دهقان. وفي الفترة نفسها، في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1982، قُتل 299 جنديا في هجومين متتاليين على مقري الرماة الأميركيين والفرنسيين في بيروت.
عودة عسكري من لبنان إلى إيران.. من وزارة الدفاع إلى السجن بتهم فساد أخلاقي ومالي
ما السر في اعتقال عسكري على الرغم من خدماته الجليلة التي قدمها لنظام الجمهورية الإسلامية؟
قال أحد زملاء علي رضا عسكري السابقين لـ"إيران إنترناشيونال" إنه بعد عودته من لبنان، خدم أولاً في منصب القائد العام لعمليات الحرس الثوري الإيراني لمدة 3 سنوات تقريباً، ثم تم تعيينه قائدا للحرس الثوري في طهران لمدة عام تقريبا.
وفي عام 1997، أصبح عسكري نائب مفتش وزارة الدفاع في حكومة محمد خاتمي، وبقي في هذا المنصب حتى تم اعتقاله أواخر عام 2002 من قبل جهاز الاستخبارات، وظل معتقلا 18 شهرا.
وقال محلل الشؤون الإيرانية في معهد كارنيغي، كريم سجاد بور، في مقابلة مع NPR"الإذاعة الوطنية الأميركية"، إن عسكري اعتقل بتهم أخلاقية ومالية: "وقد تعرض لتعذيب وحشي عندما كان في السجن".
وأكد العديد من أصدقاء علي رضا عسكري ومسؤولين سابقين في إيران في مقابلات مع صحيفة "فايننشال تايمز" أن عسكري كان محبطا وغاضبا بعد 18 شهرا في السجن، وكان مضطربا عقليا.
وقال أحد معارف علي رضا عسكري لـ"إيران إنترناشيونال" إنه في نفس وقت اعتقاله، "كان هناك نقاش في الأوساط السياسية في طهران حول أن هذا القائد في الحرس الثوري اعتقل بتهمة الفساد المالي والأخلاقي، وزوجته الأولى زيبا أحمدي كانت أحد المدعين عليه بسبب امتلاكه علاقات جنسية خارج إطار الزواج".
وفي مقابلة مع "إيران إنترناشيونال"، أكد أحد قادة الحرس الثوري الإيراني السابقين عنف المحققين في التعامل مع عسكري: "خلال إحدى جلسات الاستجواب الأولية، صفع عسكري القاضي الذي كان يستجوبه، مما جعل حالته أكثر خطورة وتعقيدا"، كما أكد المصدر نفسه أنه خلال فترة الاعتقال التي استمرت 18 شهرا، "قام محققو الاستخبارات بمضايقة عسكري وتعذيبه كثيرا".
وفي النهاية، تم إطلاق سراح عسكري من السجن بوساطة أصدقائه ذوي النفوذ، ومن بينهم إسماعيل أحمدي مقدم، قائد الشرطة آنذاك، والذي عمل معه أثناء وجوده في كردستان، وتدخل المتحدث باسم مكتب خامنئي.
كما قالت زيبا أحمدي، الزوجة الأولى لعلي رضا عسكري، إنه في عام 2004، بعد خروجه من السجن، تقاعد قبل الأوان برتبة لواء، وبعد التقاعد دخل في تجارة الزيتون.
الرحلات الخارجية من تايلاند إلى سوريا وتركيا.. تجنيد جاسوس
بحسب رواية رضا كلبور، فإنه في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 2006، أي قبل أقل من عام على اختفاء علي رضا عسكري، قال إنه لديه خطة للسفر ولا يمكنه لقاء رئيس السلطة القضائية في ذلك الوقت، الذي كان من المفترض أن يقابله بأمر من خامنئي.
وردًا على مخاوف كلبور بشأن السفر ووجود قضية مفتوحة، قال عسكري إن هذه ليست رحلته الخارجية الأولى بعد إطلاق سراحه. وقالت زيبا أحمدي أيضًا إن زوجها قام برحلات أخرى إلى تايلاند ولبنان وسوريا، قبل سفره الأخير إلى سوريا وتركيا.
وقال أحد مصادر المخابرات الأميركية لـ "إيران إنترناشيونال" إن علي رضا عسكري ربما التقى بعملاء وكالة المخابرات المركزية خلال سفره إلى تايلاند: "كانت تايلاند إحدى الدول المفضلة لأجهزة المخابرات الغربية لجذب جواسيس من إيران ودول الشرق الأوسط الأخرى لسنوات عديدة. لقد قيل إن وكالة المخابرات المركزية ربما قامت بتجنيد عسكري خلال سفرة أثناء فترة عمله كمساعد في وزارة الدفاع، ولكن في رأيي، بالنظر إلى أنه أدار ظهره للنظام الإيراني بعد استجوابه بوحشية أثناء اعتقاله، قد يكون عسكري اتصل بوكالة المخابرات المركزية في نفس الرحلة إلى تايلاند".
وبحسب قول زيبا أحمدي، ذهب زوجها إلى سوريا وتركيا في رحلته الأخيرة لتجارة الزيتون. لكن رضا كلبور يدعي أن قائد الحرس الثوري الإيراني أخبره أنه بالإضافة إلى تجارة الزيتون، "سوف يسافر إلى سوريا وتركيا لشراء أشياء لوزارة الدفاع". كما قال قاسم سلطان أبادي، أحد أصدقاء عسكري، إنه سافر إلى سوريا وتركيا بمهمة.
وقال إسماعيل أحمدي مقدم، خلال الذكرى السادسة لاختفاء عسكري، 15 ديسمبر (كانون الأول) 2012، إن هذا القائد في الحرس جاء إلى مكتبه قبل يوم واحد من سفره إلى سوريا، وبعد ذلك اختفى: "قال إننا قد لا نرى بعضنا البعض مرة أخرى. لقد جئت إلى هنا لأخبرك بشيء يمكنك متابعته لاحقًا".
كان علي رضا عسكري يعرف أنه لن يرى صديقه القديم مرة أخرى، ويبدو أنه بعد 17 عامًا، أدرك إسماعيل أحمدي مقدم أيضًا أن عسكري ذهب إليه ليودعه الوداع الأخير.